لو سألت أي واحد دلوقتي من الشباب الصغير نفسك تطلع ايه؟؟
الرد حيبقي حاجة من التلاته يااما لعيب كورة يااما ممثل يااما مغني. خلاص بقي راحت عليها الهندسة و الطب و الكلام ده, الكلام ده كله مابأاش بيأكل عيش دلوقتي. بقي المعيار المهم هو الفلوس... هما شايفنها كده من وجهة نظرهم.
ده حتي الاهالي أصلا بقت نفسها عيالها يطلعوا كده. يعني كام أب و أم دلوقتي بأوم بيغرسوا في عيالهم فكرة الايثار, فكرة الايمان بمبدأ معين و قضية معينة؟ كام واحد نفسوا ابنه يطلع بطل، مش لازم بطل بالمعني الحرفي(اللي هو بلا حالا نقوم نحارب و نهزم الأعداء) بس قصدي فكرة أنه يبقي شخصية مؤثرة في اللي حواليه، يبقي قائد في عمله، يبقي مدير نفسه، يبقي لسان الحق، يبقي انسان بمعني الكلمة.
هو صحيح الرياضة كويسة و الفن و الغنا برضه، بس فيه حاجة تانيه أهم من كله ده: هي "الرسالة"، و متقوليش الفن رسالة ( الجملة بتاعت كل ممثل ديه).
أنا قصدي الرسالة اللي أي انسان فينا المفروض يوصلها في حياته، فكرة (أنت عايش ليه؟ و عملت ايه؟ايه القضية اللي انت مؤمن بيها في حياتك و مستعد تعمل أي حاجة عاشنها؟)، و مش بس كده فكرة كمان أنت عملت ايه للي حواليك، اثرت فيهم؟ حاولت تخليهم يؤمنوا بقضية ما؟
مهم أوي ان كل واحد لازم يكون عنده هدف في الدنيا يؤمن بيه و يحاول انه يحققه ، و مش بس هدف ده كمان لازم يكون مؤمن بقضية بيدافع عنها و يشارك اللي حواليه فيها.
و من غير مقدمات طويله و رغي كتير، خلوني أقدملكم شخصية من الشخصيات المؤثرة التي لا تنسي.
ده بقي انسان عادي، بس انسان بمعني الكلمة، فكر في كل اللي حواليه قبل ميفكر في نفسه، كان مستعد يضحي بأي حاجة في سبيل الدفاع عن قضيته..الراجل ده اسمه "غاندي"..
طبعا ممكن تكون سمعت اسمه قبل كده، بس متعرفش هو عمل ايه؟ يلا بينا نتعرف عليه....
"غاندي" كان سياسي هندي لامع و زعيم روحي لحركة استقلال الهند من الاحتلال البريطاني، اتولد في 2 أكتوبر عام 1869. وكانت أسرته ميسورة الحال و محافظة، وعلى مستوى عالي من الثقافة، وكانت أسرته تؤمن بفكرة عدم العنف بأي شكل من الأشكال، وكانت هذه الفكرة دائماً هي أحد مبادئها الدينية الأساسية والتي صار عليها غاندي بعد ذلك.
و كان يلقب "المهاتما" أي صاحب النفس العظيمة. و حقيقي هو فعلا كان مناضل عظيم، كافح كتير أوي من أجل شعبه و الحفاظ علي الوحدة الوطنية.
كان يؤمن بسياسة اللاعنف(مثل: الاعتصام، المقاطعة، العصيان المدني) في مواجهة العدو. و ده مش معناه أنه بيخاف من المواجهة المباشرة و لكن هو كان بيقول ان كل مناضل لازم يؤمن بالأساليب ديه حتي لو مات في سبيل قضيته. و لكن لو منفعش أي وسيلة من وسائل السلم يبقي وقتها بقي نلجأ للعنف.
و نضاله بيتخلص في مرحلتين:
الأولي: في جنوب افريقيا، ديه كانت من 1893 الي 1914 ، كان غاندي بيشتغل هناك و أعد هناك 21 سنة، و كان رافض بشدة التفرقة العنصرية ضد الأفارفة و الهنود اللي كان يتبعها الاحتلال البريطاني (أه جنوب افريقيا كانت برضه محتله من بريطانيا).
فعمل ايه بقي؟
عمل على إنشاء صحيفة "الرأي الهندي" والتي دعا من خلالها من أجل سياسة المقاومة السلمية، وعمل على تأسيس حزب "المؤتمر الهندي لنتال" والذي جعله مركز للدفاع عن حقوق الهنود في جنوب إفريقيا، كما نادى بأحقية الهنود بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، وعمل على تغيير "المرسوم الأسيوي" والذي كان ينص على أن الهنود يجب أن يقوموا بتسجيل أنفسهم في سجلات خاصة.
التانية: في الهند، من 1914 – 1922، وفيها ركز اهتمامه على النضال من أجل العمال والفلاحين كانت الفكرة الرئيسية التي تسيطر على عقلية غاندي هي فكرة عدم العنف وكان يرى أن السبب الرئيسي في قوة البريطانيين في المنطقة هو اعتمادهم بشكل أساسي على تعاون جميع طبقات الشعب معهم، فإذا تم سحب هذا التعاون فلن تستطيع الحكومة البريطانية الصمود كثيراً في الهند، وفي أثناء هذا كان يوجد موقف إسلامي معارض بشدة للحكومة البريطانية والتي كانت تسعى من أجل تقسيم تركيا بين الحلفاء الغربيين وتفكيك الخلافة الإسلامية وهو الأمر الذي أستغله غاندي حيث قام بالانضمام والتحالف مع الزعماء المطالبين بالمحافظة على الخلافة وتكون من وراء هذا التحالف حركة شعبية قوية مناهضة للاحتلال البريطاني.
ومن المواقف الهامة التي اتخذها غاندي: قيامه باتخاذ قرار بصيام حتى الموت في عام 1932 وذلك كنوع من الاحتجاج على مشروع يقوم بالتمييز في الانتخابات ضد المنبوذين من الهنود.
ومن مواقفه نذكر أيضاً تحديه للقوانين البريطانية التي كانت تقوم باحتكار الملح وحصر استخراجه على السلطات البريطانية فقط، ولم يكتفي بالاعتراض والتحدي بل قام بقيادة مسيرة شعبية لاستخراج الملح من البحر، وبالفعل تم التوصل في النهاية إلى اتفاق عرف "بمعاهدة دلهي".
قام غاندي بقيادة حملة عصيان جديدة في عام 1940 وذلك كنوع من الاحتجاج على إعلان بريطانيا للهند كدولة محاربة لدول المحور دون حصول الهند على استقلالها ونظراً لانشغال بريطانيا بالحرب العالمية الثانية فقد كانت مهتمة باستتباب الأمن في الهند من أجل التفرغ لحروبها، وقد وافق غاندي بريطانيا في النهاية على مشاركة الهند في الحرب أملاً في نيلها لاستقلالها في النهاية، وبالفعل دخلت الهند إلى الحرب ضد دول المحور في عام 1943، ومارست بريطانيا بعد ذلك حملات شديدة من القمع والقهر ضد الشعب الهندي وعلى رأسهم غاندي الذي تم سجنه لفترة.
وعندما لاحت في الأفق بوادر الاستقلال بدأت محاولات من أجل تقسيم الهند ما بين هندوس ومسلمين وقد سعى غاندي الي عدم حدوث هذا الانفصال ولكن باءت محاولاته بالفشل وتم الانفصال والذي نتج عنه تدهور حاد وأحداث عنف في أنحاء البلاد مما أحزن غاندي كثيراً ودعا من أجل الوحدة الوطنية، وأهمية احترام حقوق الأقلية المسلمة.
تحقق الاستقلال للهند أخيرا في عام 1947، بعد مقاومة شعبية ونضال قاده غاندي بقوة مع غيره من الهنود.
و بس بقي كده ، هو ده غاندي....
و لو تحب تقرأ أكتر عن غاندي، أقرأ كتاب" قصة تجاربي مع الحقيقة"
سارة عثمان

Comments